• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

"شيخ الطلبة" الحفي الخفي (قصة قصيرة)

شيخ الطلبة الحفي الخفي (قصة قصيرة)
شرف إبراهيم الدسوقي إسماعيل


تاريخ الإضافة: 22/11/2021 ميلادي - 16/4/1443 هجري

الزيارات: 12377

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

"شيخ الطلبة" الحفي الخفي

(قصة قصيرة)

 

"عصَم قومٌ أنفسهم، فاعتصموا بحبل الله، وأضاع قومٌ أنفسهم بزلات ألسنتهم وفِعالهم، فكأنما ألقوا أنفسهم وسط حقول ألغام مُهلكة.

 

إن الحفي الخفي تصدق واستتر، أما اللئيم العصي، فتظاهر بالخير ولما استقبل الظهر طعن..."، اختتم عالمنا الجليل الدكتور صفوان كامل محاضرته الافتراضية (أونلاين) لطلابه بهذه الكلمات المحسوبة والمُنتقاة بعناية.

 

انفض جمع الجروب التعليمي، والتقى الطلاب في مجموعة الفرقة الرابعة المغلقة، وبدأ التشاور في مضمون المحاضرة، واتَّضح من التعليقات أن المحاضرة سهلة واضحة المحتوى إلا من بعض النقاط، فلجأ معظمهم إلى زميلهم "شيخ الطلبة"، ذلك الطالب يعقوب الذي انتزع تلك التسمية من زملائه بحسن خلقه وحبه لمساعدة غيره في هدوء.

 

أخذ يعقوب وقته بإرادة كاملة ونفوس راضية من زملائه، واستفاض في شرح الحفي الخفي، واللئيم العصي، حتى ملَّ مَن ملَّ، وكَلَّ مَن كَلَّ، وتفاوتت الآراء في جدوى الإطالة، واتضح ذلك من تعليقات زملائه:

♦ كلام عظيم، وشرح مفصل للمحاضرة، أحسنت يا يعقوب.

♦ لا نريد كلامًا كثيرًا، نريد ما يحقق لنا النجاح فقط.

♦ لو سمحت يا يعقوب، كلمني على الخاص...

 

راجع يعقوب التعليقات عقب انتهاء الحوارات الجماعية، وكأنه يدرسها أو يتذكر بها مضمون المحاضرة، أو يقوم بعصفٍ ذهني، ليضيف لنفسه بُعدًا جديدًا مثلما يفعل أصحاب الخلوات التعبدية، أو خلوات الزاهدين... هكذا كان يعقوب يصل إلى ما يصل إليه غيره من زملائه فنال لقب "شيخ الطلبة".

 

أصاب يعقوب في هذه المرة حزنٌ وألم كبير، وقد رأى الثناء عليه يزداد في التعليقات، فأحس بأن عمله يتجه نحو المُفاخرة والإعجاب بالنفس، ورغم أنه في سن تبحث عن تلك المفاخرة إلا أنه لم يكن يرغب في ذلك، فأخذ يدعو الله بنيته ولنيته الخالصة.

 

اجتازت دفعة يعقوب فترة الامتحانات، ولم يجرؤ أي من زملائه أن يطلب منه المساعدة عن طريق الغش؛ لأنهم يعرفون الإجابة مقدمًا، وإن كانت هناك بعض النظرات المُجترئة، والعارضة للرشى، والتي ارتدت في التو على أدبارها.

 

اختارته جامعته، ليكون أحد المعيدين في قسم الفلسفة الإسلامية، فصعد بجوار أستاذه وعالمه، صاحب محاضرة "الحفي الخفي، واللئيم العصي"، وأصبحا يلتقيان في الأسبوع مرات ومرات، ويجتمعان على العلم وفي العلم ويتفرقان عليه، وكانا في سبيل الله معًا.

في يوم قال يعقوب لعالمه:

♦ هل تأذن لي في استشارة؟

♦ تفضل.

♦ قابلت اليوم طبيبة منتقبة في مستوصف طبي قريب من المنزل، أحسست بأنها فقيرة، فهي تعالج كبار السن بهدوء وتصطبر عليهم، ثم تساعدهم في شراء الأدوية من مالها الخاص.

 

تعجب العالم من حديث يعقوب وقال له:

♦ عجيب أمرك، كيف تقول أنها فقيرة؟ ثم تقول أنها تساعد المرضى من مالها الخاص؟

 

♦ أقول ذلك؛ لأني أراها تحضر إلى المستوصف، ثم تنصرف دون سيارة أو سائق خاص أو تاكسي، بل سيرًا على الأقدام من محطة مترو الأنفاق وإليها.

 

♦ ولماذا تتبعها إذًا وأنت عالم بالشرع؟!

♦ أنت أستاذي، ولا أخفيك سرًّا، ولا أقصد بكلامي مفاخرة، فإنني أتعهد بعض هؤلاء المرضى من كبار السن بالرعاية والإنفاق مني ومن أموال أهل الخير، وقد قال تعالى في سورة البقرة: ﴿ إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [البقرة: 271].

 

♦ وما علاقة ذلك بأن تتبع تلك الطبيبة؟

♦ لقد توسمت فيها خيرًا، وأتمنى أن أرتبط بها إن كانت كما أتمنى.

 

ضحك عالمه، ثم قال له:

♦ أنت تعرف، وإن كنت لا تعرف، فاعلم أن تتبُّعَك لها خطأٌ، لقول الله تعالى في سورة النور: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾ [النور: 30].

 

♦ أما إن كنت ترغب في الارتباط بها فكن واضحًا، واسأل عنها، وإن أراد الله جمع بينكما، أعطني اسم المستوصف واسمها وأنا أساعدك.

 

استمع العالم لاسم المستوصف فرع بصره بدهشة، ولم يعلق... أما اسمها فلم يعرف غير اسم الطيبة عائشة، حيث ناداها من في المستوصف بذلك الاسم.

 

مرت أيام ثم بدأت الدراسة الفعلية، وانتقل شيخ الطلبة إلى جروب جديد في الجامعة، وهو (جروب أساتذة قسم الفلسفة الإسلامية)، واستجاب لرغبة زملائه بالتواجد في جروب فرقته، كنوع من التواصل والاعتزاز والوفاء والرغبة في الاحتفاء والمساعدة.

 

فأما الوفاء والجود والاحتفاء فهي صفات يحظى بها الكثيرون، وأما الاختفاء الذي حرص عليه يعقوب، فلم يصل إلى حبه إلا مَن تعمَّقوا في الدين وكبَحوا جماح حب الشهرة والافتخار التي تأكل من الصدقات كما يأكل المن السلوى، فابتعد عما يريبه من الشهرة والإعلان والدعاية بالباطل، واكتفى منها بما فرضه المقام وناسب السياق؛ حتى لا يُتهم بالعجز أو التقصير.

 

في أحد أيام الخميس توجه يعقوب إلى المستوصف بصحبة بعض الجيران من كبار السن الفقراء، وهناك سأل عن اسم الطبيبة بالكامل، فذكروا له اسم: "عائشة صفوان كامل"، فثارت في جسمه حرارة مفاجئة، ولم يستطع السيطرة على الارتباك الذي أصابه، ثم زاد من هذا الارتباك وتلك الحرارة أنه شاهد ذلك الثياب الأسود الذي يعلوه نقاب الطبيبة عائشة يقترب منه... فلم يدع الفرصة تمر وسألها عن حال جاره:

♦ الحاج سمير أصر على حضوري معه، هل يحتاج إلى عملية جراحية.

♦ إن شاء الله لا يحتاج سوى اتباع التعليمات، والانتظام في تعاطي الأدوية... حضرتك ابنه.

♦ لا، أنا يعقوب جاره، معيد في قسم الفلسفة الإسلامية.

 

لاحظ يعقوب ارتباك الطبيبة عائشة، وتعجب من انسحابها، وكأنها في عجلة من أمرها، فرفع صوته:

♦ إن كان الحاج سمير يحتاج إجراء عملية جراحية، "الفلوس" موجودة.

 

لم تلتفت إليه، فانتظر حتى جاء دور جاره في الكشف، فولج معه غرفة الكشف، وكانت المفاجأة، حيث قام طبيب رجل بمتابعة حال الحاج سمير، وهنا لم يعد يعقوب يدرك من أمر ما يحيط به شيئًا، فقد أخذته الأفكار أخذًا، وتمكنت منه بعنف، وزادت حيرته عندما قارن بين اسم الطبيبة، وبين اسم عالمه الدكتور صفوان كامل.

 

صمد يعقوب صمود المُحتفي المُختفي، حتى أكمل مهمته الخيرية مع جاره الحاج سمير، واشترى له من الأدوية ما لم يتوفر في المستوصف، وعاد إلى منزله ولجأ إلى الله يدعوه أن يدبِّر له أموره، فإنه لا حسن التدبير، ولم يستطع أن ينام ليلته فاستفاض في التهجد وصلاة القيام، وهو لا يعلم ما يخبئه له القدر فيما بين ليلة الجمعة وصباح يوم الأحد في مكتبه بالكلية.

 

فوجئ في يوم الجمعة باتصال هاتفي من أستاذه وعالمه يطمئن عليه، فأجابه وجوارحه كلها في حالة ترقب، وبعد أن أغلق أستاذه هاتفه، بدأ يعقوب في صلاة الاستخارة، وأعادها أكثر من مرة، ومرت الساعات ثقيلة إلى التقى بأستاذه صباح يوم الأحد.

 

استقبله الدكتور صفوان بابتسامة بسيطة حذرة ويقظة، وراغبة وراهبة، وتطابقت تلك الابتسامة مع ابتسامة يعقوب، فلا تستطيع أن تفرق بين الابتسامتين إلا بفارق السن بين العالم الكبير صفوان كامل والمعيد الشاب الدكتور يعقوب، فسأله يعقوب:

♦ ماذا يقول الشرع لمن يريد أن يرتبط بالطبيبة عائشة التي تعمل في المستوصف.

 

فأجاب الدكتور صفوان:

♦ إذا خطب أحدكم امرأة فلا جناح عليه أن ينظر إليها.

 

ضحك يعقوب واتفق مع أستاذه على أن يزوره في يوم نهاية الأسبوع، لينظر إلى الطبيبة عائشة صفوان كامل.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- شكرا جزيلا
شرف إبراهيم الدسوقي - مصر 22-11-2021 12:46 PM

شكرا جزيلا . فريق العمل. جهد طيب. أفاد الله به وجعله في ميزان حسناتكم

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة